أوصاف زوجة
قال : جلسنا ضيوفاً في رواق منزل صديق لنا , نتجاذب أطراف الحديث , كنا خمسة جمعتنا الحياة .. بحلوها ومرها .. بخيرها وشرها.. بشيحها وقيصومها ، وكانت عادتنا - منذ سنوات - أن نجتمع بعد صلاة العصر.
كان الجو - ذلك اليوم - لطيفا وهادئا ًوالشمس بدأت تزحف صوب الغروب , تجرّ معها ثوبها الأصفر الذهبي الجميل ، وبينا نحن على تلك الحـــال... إذ بأحد الأصدقاء يقول :
أحمد مالي أراك مهموما.... لم ننتبه لحالة صديقنا مذ وصولنا ... رغم أنه بدا شاحباً كالموتى مهموما كالذي , وتر أهله أجمعين هذا اليوم .
كنا - جميعا - متزوجون وبعضنا فتنته الحياة ببعض براعمها ووهبه الله أطفالا .. يتربون في عزه قال صديق آخر ساخرا :
لعله يفكـــر في امرأة أخرى ملكت عليه قلبهوالتفت إلينا وغمز بعينيه : آه يـــا قلبيرفع أحمد رأسه وقال بصوت متهدج :
هل تعلمون !!! من هي الزوجة التي أتمنى أن أعيش معها أبد الدهر ؟ كان وقع السؤال " كالصاعقة " , لأننا توقعنا كل شيء إلا هذا ..
. فلا قرائن تربط سؤاله بجلستنا . ربما نتشاكى في بعض الاحايين من زوجاتنا لكن ذلك اليوم كان حديثنا بعيييدا.. لم ينبس أحدنا ببنت شفة.. الجميع خيم عليه الوجوم ... ودارت في أذهاننا هواجس ذهبت بنا مذاهب شتىّ .
دارت في مخيلتي أمواج من الاسئلة عن سر هذا السؤال لماذا طرح هذا السؤال ؟
أتراه يعاني من زوجته الويلات ماذا صنعت به زوجته ؟
وهي وجميع زوجاتنا ملتزمات مثلنا , وما عساها تكون تلك الزوجة التي يتمناها؟
لعل أحمد يكثر هذه الايام من الروايات الرومــانسية الخيالية ... التي ترسم الحب عارياً عن الحقيقة . كأني به يريد زوجة من " بلاد العجائب " ,
أو يريدها بشرية الهيئة ملائكية الخلق بهية الوجه, وضيئة الملامح براقة الخدود كحبات الرمان , جميلة الأهداب والعيون ، شعرها كالحرير , سلس كالشلال , ناعم كالقطن أجفانها كشرفات القصور ، فزارية العينين ....... طائية الفــم ( كما يقال ) ..
أيريدها !! أجمل نساء الأرض , أرق من النسيم إذا صافح الاشجار , وأعذب من الماء إذا انساب في الأنهار , ناهداها قباب من زبرجد , خصرها أدق من خصور الحور , ساقاها كأغصان الياسمين ، إذا سارت رقصت الأرض جذلانة لسيرها , وتمنى الحصى أن يحضى بدوسها وإذا انحنت أنحنت الأغصان والزهور وإذا بدت باسمة استحيا القمر - ذلك اليوم - وعكف في منزله ..
منعمة لو باشر الذر جلدها * لأثر منها في مدارجها الذر
وبينما أنا في غمرة هواجسي ... أذوب معها... وربما صنع الجميع صنيعي , جاء صوت أحمد يقول :
مالكم وجمتم !! هل تحبون أن تسمعوا .... وصمت برهة كأنما يريد استثارتنا وكلنا مشدود إلى وجهه العابس .... ننتظر سماع ما يقول ،
فقال صديق : هيا تكلم ... أم سيكون بعد الفاصل ....
قال ذلك ليخفي عبرة الشوق في داخله
وقال آخر : ربما سيقول " في الحلقة القادمة أجيب
"إلتفت إليهم وقلت بصـرامة : لا تأخذوا الحديث على غير الجد فلدى أحمد مايقول التفتّ إليه ليتكلم وأن أكنّ في نفسي .. أنه سيحملنا معه إلى أحلامه الوردية ... وعالمه البعيد .. الذي لا يعترف إلا بالخيال
التفتَ إلي أحمد وقال بصوته الحزين : لكنني سأخالف كل توقعاتكم !!! وهنا..... أيقنت , أن مخيلتي أصابت كبد الإجابة ،
قال : الزوجة التي أتمناها - بعد دينها وخلقها - وبدأت الدموع تجري من عينيه وبدأ حديثه . يهتز بقوة
صاح أحدنا : هيا تكلم ! فقال: ( هي زوجة , تعرف قيمة الزينة لزوجها , تفرح لفرحه , وتحزن لحزنه ) وهنا صاح الجميع :
فقط !!!!
- " فقط "
.. (وارتج.. الرواق بالبكاء
منقول